خير البقرة- قصة عصيدة ورضا وكدح في البادية
المؤلف: علي بن محمد الرباعي08.11.2025

تولى كل فرد من المجموعة، وعلى رأسهم (سادي)، جمع اللحم الطازج من بقرة الاستسقاء الممتلئة. وبعد جهد، انطلق كل منهم بحصته نحو منزله. استدعى أبو سعيد زوجته، وبدأ على الفور بتمليح قطع اللحم الشهية وتعليقها بعناية فوق حبل متين، ليحفظها من التلف والفساد. ثم اختار منها ما يكفي لتحضير عشاء فاخر. وأوصى زوجته بكمية وافرة من السنام الغني بالدهون، مؤكداً لها "السنام الدسم يمنح الدفء". فأجابته الزوجة بحكمة "إن دفء القلوب لا يهبه إلا ربي. زفر وردد". وأضافت مازحة "إن عشت يا رأسي، فسأكسوك عمامة. وإن مت يا رأسي، فلتفديك العمايم". ثم نصحته قائلة "ادع ربك بحسن الختام. فرأسك الأصلع لم يعد يمسك عمامة. وكراعينك تصدر طقطقة مزعجة!".
تجمعت الأسرة الكريمة حول شبة القبس الدافئة. والقدر يغلي بالمرق الشهي، والرضا والسعادة يرتسمان بوضوح على الوجوه. صوت الهتان الخفيف يواصل عزف لحن المساء العذب على زنق الكترة. والقطار يتسلل بخفة إلى داخل البيت، مداعباً المواعين المعدة لاستقباله. انتهت أم سعيد الماهرة من إعداد عصيدتها الشهية، ووضعتها في الصحن الكبير. وحولها طاسة المرقة المبهرة بالفلفل الأسود والبصل العطري. البخار اللذيذ يتصاعد، وأيادي أفراد العائلة تتخفس وتزدرد بشهية منقطعة النظير. لم يتبق من العصيدة سوى قطعة صغيرة. فأقسم أبو سعيد على أم سعيد أن تكملها، تطييبا لخاطرها وإظهاراً لتقديره. فيما وزع اللحم بالتساوي على الجميع، واستأثر بقطعة السنام الكبيرة، كما هي عادة الكبار.
مسح الزفر العالق بيديه في شقوق القدمين المتعبتين، وحمد الله على النعمة. وأوصى الصبيان والبنات بالخلود إلى النوم، استعداداً لعمل الغد الشاق. وقال بصوت حازم: "تحصبون البلاد شقة. شقة. تخلونها كما العروس في أبهى حلتها. بعد بكرة سنبدأ بالحرث". فرددوا بصوت واحد "أبشر يا أبي". نام الجميع في ستر من الله وحفظه. وفي الصباح، انطلقت قافلة الكدح والعمل نحو الحقول.
كان صيف ذلك العام وفيراً ومباركا. بفضل بركة البقرة السمينة. كان أبو سعيد من عشاق الزراعة المخلصين، وكلما نظر إلى السنابل المكتنزة بالخير، ردد بابتهاج "يقول حميد بن منصور. البغرة جد الزراعة وأصلها". كما كان يتمثل بهذا المثل دائما. وإذا استشعر الكسل أو التراخي في الأولاد، قال بحكمة "قال ابن عقار حقي صاحبي. ذا ما معه حق ما حد صاحبه".
تم الصرام بنجاح. وانتشرت حزم القمح الذهبية في المساطح. وتكاثر المتشبرون الساعون لجمع رزقهم. اجتمع لأحدهم ديّسة وفيرة من القمح. فاستودع حبها أبا سعيد الأمين، قائلاً بثقة "عند الله ثم عندك تخلي حنطتي وديعة عندك حتى أدبر لي جمل ينقلها إلى ديرتي". ظل المتشبر يتردد شهراً كاملاً، وكل يوم يمر عليه يتفقد أكياس حنطته الثمينة. ويطلب وجبة عصيدة شعير شهية. حتى وصل الجمل المنتظر مع أبي سعيد، فقال له المتشبر بفرح "آخه شل حبك. حنطتك أكلت شعيري". علمي وسلامتكم.
تجمعت الأسرة الكريمة حول شبة القبس الدافئة. والقدر يغلي بالمرق الشهي، والرضا والسعادة يرتسمان بوضوح على الوجوه. صوت الهتان الخفيف يواصل عزف لحن المساء العذب على زنق الكترة. والقطار يتسلل بخفة إلى داخل البيت، مداعباً المواعين المعدة لاستقباله. انتهت أم سعيد الماهرة من إعداد عصيدتها الشهية، ووضعتها في الصحن الكبير. وحولها طاسة المرقة المبهرة بالفلفل الأسود والبصل العطري. البخار اللذيذ يتصاعد، وأيادي أفراد العائلة تتخفس وتزدرد بشهية منقطعة النظير. لم يتبق من العصيدة سوى قطعة صغيرة. فأقسم أبو سعيد على أم سعيد أن تكملها، تطييبا لخاطرها وإظهاراً لتقديره. فيما وزع اللحم بالتساوي على الجميع، واستأثر بقطعة السنام الكبيرة، كما هي عادة الكبار.
مسح الزفر العالق بيديه في شقوق القدمين المتعبتين، وحمد الله على النعمة. وأوصى الصبيان والبنات بالخلود إلى النوم، استعداداً لعمل الغد الشاق. وقال بصوت حازم: "تحصبون البلاد شقة. شقة. تخلونها كما العروس في أبهى حلتها. بعد بكرة سنبدأ بالحرث". فرددوا بصوت واحد "أبشر يا أبي". نام الجميع في ستر من الله وحفظه. وفي الصباح، انطلقت قافلة الكدح والعمل نحو الحقول.
كان صيف ذلك العام وفيراً ومباركا. بفضل بركة البقرة السمينة. كان أبو سعيد من عشاق الزراعة المخلصين، وكلما نظر إلى السنابل المكتنزة بالخير، ردد بابتهاج "يقول حميد بن منصور. البغرة جد الزراعة وأصلها". كما كان يتمثل بهذا المثل دائما. وإذا استشعر الكسل أو التراخي في الأولاد، قال بحكمة "قال ابن عقار حقي صاحبي. ذا ما معه حق ما حد صاحبه".
تم الصرام بنجاح. وانتشرت حزم القمح الذهبية في المساطح. وتكاثر المتشبرون الساعون لجمع رزقهم. اجتمع لأحدهم ديّسة وفيرة من القمح. فاستودع حبها أبا سعيد الأمين، قائلاً بثقة "عند الله ثم عندك تخلي حنطتي وديعة عندك حتى أدبر لي جمل ينقلها إلى ديرتي". ظل المتشبر يتردد شهراً كاملاً، وكل يوم يمر عليه يتفقد أكياس حنطته الثمينة. ويطلب وجبة عصيدة شعير شهية. حتى وصل الجمل المنتظر مع أبي سعيد، فقال له المتشبر بفرح "آخه شل حبك. حنطتك أكلت شعيري". علمي وسلامتكم.